عبد الله الشيخ ديب، من إدلب – مدينة سراقب بريف إدلب الشرقي، يبلغ من العمر 27 عاماً، متزوج منذ 6 سنوات ولديه طفل وطفلة، لديه إصابة في يده تعيق حركتها بنسبة كبيرة فلا يستطيع تحريكها أو حمل أوزان ثقيلة فيها، يعيش حالياً مع أهله وزوجته وأطفاله في مدينة اعزاز في منزل بالإيجار بعد نزوحه مع عائلته من مدينة سراقب منذ 3 سنوات بعد قصف عنيف تعرضت له المدينة، إذ كان النزوح على عدة مراحل، في البداية كان النزوح إلى مدينة الباب ومن ثم الانتقال إلى اعزاز بحثاً مكان ثابت وعمل يؤمن لهم قوت يومهم، يملك عبد الله وعائلته ذكريات مليئة بالألم خلال رحلة النزوح من تغيير للجو الاجتماع الذي كان يعيشه وفقدانه منزله ومدينته وعمله وصعوبة البداية من جديد.
قبل عام 2011 كان عبد الله لايزال شاباً صغيراً يتعلم مهنة الخياطة عند أحد الورشات في المدينة وأتقن المهنة كونه لم يكمل تعليمه في المدرسة وأحب المهنة وحلمه كشاب صغير أن يكون له مشغل خياطة كبير ومتجر للألبسة التي ينتجها، وفي سنوات الحرب أصبح الوضع الاقتصادي صعباً على معظم السوريين والكثير منهم خسر عمله بسبب القصف والنزوح ومخاطر التنقل والنزوح المتكرر.
لم يفقد عبد الله الأمل حتى بعد نزوحه إلى مدينة اعزاز في عام 2019 إذ أعاد تجميع قواه ليبدأ من جديد بافتتاح محل خياطة به كونها مهنته وهوايته التي يحبها وليستطيع من خلالها تأمين احتياجات عائلته، وهذا ما نجح به عبد الله قبل عامين وبدأ بعمله في محله الصغير في مجال الخياطة في سوق مدينة اعزاز وبدأ بالإنتاج وهذا ما أعاد له الأمل بعد خسارته الكبيرة بعد رحلة النزوح الصعبة.
منذ عام ونصف تعرض عبد الله للحاثة الأقسى التي لم تغير فقط حياته إلى الأسوء فقط، إنما كادت أن تنهي حياته، وذلك بعد تعرض السوق الذي يعمل به لانفجار سيارة مفخخة وتدمير جزء كبير من ورشته الصغيرة وإصابته إصابة بليغة في يده سببت له لاحقاً صعوبة في تحريكها بعد رحلة علاج طويلة استمرت قرابة العام، خسر في هذا العام عبد الله جميع مدخراته المالية للمصاريف والعلاج وانخفضت روحه المعنوية بعد خسارة كل ما يملك مادياً وخسارة حركة يده بنسبة 70% كما يقول عبد الله أنه لا يستطيع أن يحمل بها أوزان ثقيلة إنما فقط لتثبيت ما يستطيع الإمساك به.
بعد تعافيه نسبياً بدأ عبد الله يزور جمعيات ذوي الاحتياجات الخاصة والتي تعرف عليها خلال رحلة علاجه، ومن خلالها تم إبلاغه بوجود مشروع لدعم المشاريع الصغيرة لدى منظمة شفق، ووصله رابط التسجيل الالكتروني عبر غرف مجموعات ذوي الاحتياجات الخاصة ليقوم بالتسجيل بها كسائر الروابط التي تصل أملاً منه بالخروج من المنزل والابتعاد عن جو العزلة الذي عاشه خلال مرحلة العلاج فهو نشيط ولا يحب الجلوس في المنزل إنما يحب العمل والإنتاج، وبعد فترة من الزمن تواصلت منظمة شفق مع عبد الله وأبلغته بالقبول في المشروع ، الأمر الذي اعتبره باباً جديداً من الأمل قد انفتح أمامه، وحلمه في مشروعه الخاص أصبح ممكناً من جديد بعد كل الخسارات التي تعرض لها، وباباً لنسيان الفترة التي لا يرغب عبد الله بتذكرها ويرغب بنسيانها وهي فترة إصابته.
تلقى عبد الله مجموعة من التدريبات المهنية التي أجرتها منظمة شفق في مدينة اعزاز لزيادة خبرته في مجال إدارة المشاريع وليصبح قادراً على إدارة مشروعه الخاص بنفسه وبنجاح ويعود إلى إنتاجيته، بعد التدريبات حصل عبد الله على منحة مالية من منظمة شفق لافتتاح مشروعه الصغير وبلغت قيمتها 1000$ واختار عبد الله أن يكون مشروعه هو استكمالاً لعمله السابق الذي خسره لمرتين وهو ورشة خياطة ألبسة متنوعة، وهذا ما عمل عليه من خلال شراء مجموعة من المستلزمات والمعدات لورشته وبدء العمل على الفور لاستغلال الفترة الحالية وهي فترة الموسم كما يصفها عبد الله في رمضان وقبل عيد الفطر، وهذا ما يعتبره أحد ميزات مشروعه وهو توقيت إطلاقه المناسب وهذا ما جعله يتلقى أرباحاً جيدة منذ إطلاق المشروع بسبب الطلب الكبير في السوق على الألبسة قبل عيد الفطر.
تظهر على عبد الله علامات الراحة والسعادة، سعيد بأنه عاد الشخص المنتج الذي تغلب على إصابته، تنتظره طفلته الصغيرة كل يوم عند عودته من العمل حاملاً لهم ما يرسم على وجههم الابتسامة من الشوكولا او الشيبس او البسكويت من إنتاجه، حاملاً معه لعائلته المستلزمات الرمضانية التي تجمع العائلة عند الإفطار على مائدة واحدة دون أن ينقصها شيء بسبب عدم توفر الدخل.
أصبح عبد الله شخصاً منتجاً متفوقاً على إصابته الخطيرة، يحلم أن يعود إلى مدينته ومجتمعه الذي ولد فيهن وأن يوسع عمله ويستطيع تأمين فرص عمل للشباب الذي يعانون الآن مما عاناه سابقاً من البطالة وعدم توفر ما يسد به الرمق.